أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها.

 

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بصيغة word أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) الإسلامُ يحثُّ على التحلِّي بالأمانةِ بكلِّ صورِهَا وأشكالِهَا .

(2) مالُكَ وصحتُكَ ووقتُكَ، وإتقانُ عملِكَ أمانةٌ .

(3) طلبُ الرزقِ وحسنُ العملِ، ونبذُ العجزِ والكسلِ أمانةٌ.

(4) البعدُ عن المخالفاتِ في العملِ والصنعةِ أمانةٌ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 أمانةُ العاملِ والصانعِ وجزاؤُهَا

بتاريخ 24 شوال 1445 هـ = الموافق 3 مايو 2023 م»

 

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها 

(1) الإسلامُ يحثُّ على التحلِّي بالأمانةِ بكلِّ صورِهَا وأشكالِهَا:

لقد أمرَ اللهُ – عزَّ وجلَّ- بالتحلِّي بخلقِ الأمانةِ؛ إذ هي مِن أشرفِ الفضائلِ، وأعظمِ الخصالِ فقالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها﴾، وعدَّهَا اللهُ – عزَّ وجلَّ – مِن صفاتِ المؤمنينَ الذين أُكرِمُوا بالجنةِ ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾، ولفظُ الأمانةِ عامٌ يشملُ الأمانةَ الماديةَ مِن حفظِ الأموالِ والودائعِ، وأداءِ الحقوقِ التي تتعلقُ بالخالقِ جلَّ وعلا، والخلائقِ فيمَا بينَهُم، كما تشملُ الأشياءَ المعنويةَ، فالكلمةُ أمانةٌ، وحفظُ الأسرارِ أمانةٌ، والالتزام بالعهدِ أمانةٌ… الخ فمجالاتُهَا كثيرةٌ لا يحصيهَا الحصرُ ولا تدخلُ تحتَ العدِّ، ثم جاءتْ السنةُ تؤكدُ هذا المعنَى وتقوّيه، فرغبتْ في أداءِ الأمانةِ قال ﷺ: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» (أبو داود)، وبيَّنَتْ أنَّ تضييعَ الأمانةِ دليلٌ على ضعفِ الإيمانِ وزعزعتِهِ في نفسِ صاحبهِ، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِلَّا قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» أحمد، بل جعلتْ ذلك مِن صفاتِ المنافقين فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: “آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ” (متفق عليه) .

إنَّ مِن جلالِ الأمانةِ، وعظمِ خطرِهَا أنْ عرضَهَا ربُّنَا – عزَّ وجلَّ- على مخلوقاتِهِ فأَبوا، وحملَهَا الإنسانُ قال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ وأرجحُ الأقوالِ وأجمعُهَا في المرادِ بالأمانةِ هنا: “أنَّها التكاليفُ والفرائضُ الشرعيةُ التي كلَّفَ اللهُ بها عبادَهُ، مِن إخلاصٍ في العبادةِ، ومِن أداءٍ للطاعاتِ، ومِن محافظةٍ على آدابِ هذا الدينِ وشعائرِهِ وسننِهِ”، وسمَّى- سبحانَهُ- ما كلفَنَا بهِ أمانةً؛ لأنَّ هذه التكاليفَ حقوقٌ أمرَنَا- سبحانَهُ- بها، وائتمنَنَا عليها، وأوجبَ علينَا مراعاتِهَا والمحافظةَ عليهَا، وأداءَهَا بدونِ إخلالٍ بشيءٍ منها .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها 

(2) مالُكَ وصحتُكَ ووقتُكَ، وإتقانُ عملِكَ أمانةٌ:

إنَّ الوقتَ هو رأسُ مالِ الإنسانِ، ومَن فرطَ في وقتهِ ولم يستغلَّهُ على الوجهِ الأمثلِ يكونُ قد خسرَ خسرانًا كبيرًا، وحُرِمَ أجرًا عظيمًا قالَ ﷺ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» (البخاري)، فالخاسرُ وقتَهُ إنَّمَا هو مغبونٌ كالذي يبيعُ سلعتَهُ بأقلِّ مِمّا تستحقُّ، أو يشتريَهَا بأكثرَ مِمّا تستحقُّ، والمتأملُ الآن يجدُ أنَّ الأيامَ تتسارعُ، والأزمنةَ تتلاحقُ، فهل قدّمنَا مِن الأعمالِ ما يؤهلُنَا للفوزِ برضوانِ اللهِ وما بهِ تعمرُ الحياةُ، وما به يُخلَّدُ ذكرُنَا .

لقد اختلفَ البشرُ في استغلالِهِم لأوقاتِهِم وصحتِهِم وأموالِهِم، فمنهُم مَن يضيعُهَا بحثًا عن شهوةٍ فانيةٍ، ومنهم مَن يعمرُ حياتَهُ بالغيبةِ والنميمةِ والقيلِ والقالِ ألَا يظنُّ هؤلاء أنَّهُم موقوفونَ محاسبونَ على تلكَ الأماناتِ، فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: قَالَ ﷺ:«لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» (الترمذي وحسنه)، وقليلٌ منهم مِن عرفَ قيمةَ تلك النعمِ، فحدَّدَ هدفَهُ، وعملَ على تحسينِ قدراتِه، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:«إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَالْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوَقَّهُ» (شعب الإيمان).

كما أنَّ إتقانَ العملِ أمانةٌ والمراوغةَ منهُ خيانةٌ سيسألُ عنها العبدُ أمامَ ربِّهِ عزَّ وجلَّ، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» (أَبُو يَعْلَى)، وإتقانُ الصناعةِ يسمحُ للمنتجِ بالوفاءِ بحاجةِ البشرِ، ويمكّنُهُ مِن غزوِ الأسواقِ ورواجِ الصناعةِ على أكملِ وجهٍ وأفضلِ حالٍ.

وصدقَ القائلُ:

بِقَدْرِ الْكَدِّ تُكْتَسَبُ المعَالِي *** ومَنْ طلبَ العُلا سَهرَ اللَّيالِي

ومَن طلبَ العُلا مِن غيرِ كَدٍّ *** أَضَاعَ العُمْرَ في طلبِ الْمُحَالِ

وليبكرْ العاملُ أو الصانعُ في عملِهِ؛ لأنَّ اللهَ جعلَ النهارَ معاشًا وحركةً، فإذا استقبلَهُ الإنسانُ مِن أولِهِ بالجدِّ والتعبِ صارَ في ذلك بركةً، قال بعضُ العلماءِ كلامًا لطيفًا في ذلك:«أولُّ اليومِ شبابُهُ وآخرُ اليومِ شيخوختُهُ، ومَن شبَّ على شيءٍ شابَ عليهِ»، وهذا مُشاهَدٌ وواقعٌ بينَنَا لا محالةَ، فعَنْ صَخْرٍ الغَامِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:«اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»، قَالَ: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً، أَوْ جَيْشًا، بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ»(الترمذي وحسنه).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها 

(3) طلبُ الرزقِ وحسنُ العملِ، ونبذُ العجزِ والكسلِ أمانةٌ:

أوجبَ اللهُ علي البشريةِ العملَ، والسعيَ في الأرضِ طلبًا لإعمارِهَا، وتحقيقًا لجلبِ الأمنِ والطمأنينةِ على أهلِهَا فقالَ تعالَى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها﴾، وفي سبيلِ ذلك ذلّلَ اللهُ لهُ الصعابَ، وسخّرَ لهُ كلَّ الممكناتِ، قالَ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾، ومَن يستقرءْ القرآنَ الكريمَ يجدْ أنَّ اللهَ جمعَ بينَ الإيمانِ والعملِ، فلا يُغنِي أحدُهُمَا عن الآخرِ، قالَ تعالَى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾، وقال أيضًا: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ .

ويقاسُ أمانُ المجتمعاتِ وتقدمُهَا بقدرِ ما هي عليهِ مِن العملِ والإنتاجِ والصناعةِ، ولذا وجهنَا القرآنُ إلى العملِ عقبَ الفراغِ مِن العباداتِ حتى لا تُتخذَ مجالًا للكسلِ والنومِ والقعودِ عن طلبِ لقمةِ العيشِ فقالَ تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وأرشدنَا نبيُّنَا ﷺ إلى حسنِ التوكلِ على اللهِ فقَالَ ﷺ: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» . (الترمذي وابن ماجه) .

فلا يستقلُّ الإنسانُ أو يذمُّ حرفةً أو صنعةً ما، فقد باشرَ جميعُ الأنبياءِ صناعاتٍ وحرفَ مختلفةً، ورسولُنَا ﷺ رعىَ الغنمَ لأهلِ مكةَ، وكذا موسَى وعيسى عليهما السلامُ كانا راعيينِ، والصحابةُ كان العاملُ والصانعُ والمزارعُ منهم .. الخ .

يقولُ القرطبيُّ: (وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ الدُّرُوعَ، وَكَانَ أَيْضًا يَصْنَعُ الْخُوصَ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَكَانَ آدَمُ حَرَّاثًا، وَنُوحٌ نَجَّارًا وَلُقْمَانُ خَيَّاطًا، وَطَالُوتُ دَبَّاغًا، وَقِيلَ: سَقَّاءً، فَالصَّنْعَةُ يَكُفُّ بِهَا الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَنِ النَّاسِ، وَيَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ الضَّرَرَ وَالْبَأْسَ، وَفِي الْحَدِيثِ:”إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْمُحْتَرِفَ الضَّعِيفَ الْمُتَعَفِّفَ وَيُبْغِضُ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ”) أ.ه

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها 

(4) البعدُ عن المخالفاتِ في العملِ والصنعةِ أمانةٌ:

حرّمَ الإسلامُ الغشَّ والربَا والرشَا والمحسوبيةَ والغصبَ وكلَّ المعاملاتِ التي فيهَا استغلالٌ للآخرينَ، وأكلُ أموالِهِم بالباطلِ، كما حرّمَ التطفيفَ في الكيلِ والميزانِ فقالَ تعالَى على لسانِ شعيبٍ عليهِ السلامُ: ﴿فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ ، بل جعلَ مَن يفعلُ ذلك مِن الخارجينَ عن تعاليمِ اللهِ تعالى، المكذبين بلقائِهِ فقالَ تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ﴾ ، كما نهَى عن الإسرافِ ومجاوزةِ الحدِّ فيمَا يتعلقُ بالأكلِ والشربِ حتّى لا يحدثُ خللٌ داخلَ الصفِّ المجتمعِي فقالَ تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ .

لقد حرصَ الإسلامُ على إيقاظِ الضميرِ الإنسانِي، وتقويةِ جانبِ المراقبةِ للهِ عزَّ وجلَّ فها هو سيدُنَا ﷺ يعلمُنَا كيفَ نتعاملُ فيمَا بينَنَا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» (مسلم) .

يعدُّ التزويرُ بكلِّ أنواعِهِ قولًا وفعلًا محرمًا وجرمًا شنيعًا بل مِن أكبرِ الكبائرِ، فعن أَبِي بَكْرَةَ قال ﷺ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا الْإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ – أَوْ قَوْلُ الزُّورِ -» وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ» (متفق عليه) .

إنَّ الذي يباشرُ التزويرَ في الوثائقِ الرسميةِ، ويتلاعبُ بالأوراقِ والمستنداتِ في المعاملاتِ المختلفةِ وكذا مَن يساعدُهُ ويُقرُّهُ يشملُهُ وعيدُ المصطفَى ﷺ؛ لِمَا يترتبُ عليهِ مِن ضياعِ الحقوقِ، ونشرِ الفوضَى في المجتمعِ، ومخالفةِ القوانينِ الموضوعةِ لتنظمَ حياةَ الناسِ، وتحفظَ عليهم حقوقَهُم .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها 

فليرضَ الصانعُ أو العاملُ بمَا رزقَهُ اللهُ؛ فالأرزاقُ بينَ الناسِ متفاوتةٌ لكنْ مهمَا أوتِيَ الإنسانُ مِن رزقٍ تجدهُ لا يقنعُ بهِ، وصدقَ ﷺ حيثُ قالَ: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ»(متفق عليه)، والرضَا بمَا قُسِمَ أحدُ أهمِّ الأسبابِ المعينةِ على هدوءِ النفسِ، وتجنبِ الأمراضِ التي تأتِي بها الهمومُ والأحزانُ قال ﷺ: «أَنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ، بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ، وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ» (أحمد، إسناده صحيح) .

ما أحوجنَا أنْ نطهرَ نفوسَنَا مِمَّا علقَ بهَا مِن الأمراضِ القلبيةِ المختلفةِ، ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، لقد ربطَ نبيُّنَا ﷺ حدوثَ الفسادِ – الظاهرِي والباطنِي – بفسادِ القلبِ، وكذا الصلاحَ بصلاحِهِ، فعَنِ النُّعْمَانِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» (متفق عليه) .

كما أخبرَ ربُّنَا في كتابِهِ أنَّ الإصلاحَ إنّمَا ينبعُ في الأساسِ مِن الإنسانِ ذاتِهِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، لقد جعلَ اللهُ العاقبةَ لِمَن ابتعدَ عن الحرامِ، وكان أمينًا فيمَا استخلفَ عليهِ مِن حقوقِ البلادِ والعبادِ ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

طوبَى لعبدٍ فَطِنٍ لم تلههِ الحياةُ وفتنةُ المالِ والولدِ التي حذرَنَا منهَا ربُّنَا في كتابِهِ مبينًا عاقبةَ ذلك كما في قولِهِ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾، فهذا النداءُ ينهِي المؤمنينَ عن أنْ يشغلَهُم شاغلٌ عن طاعةِ اللهِ، وقد خصَّ ذكرَ الأموالِ والأولادِ؛ لأنَّهُمَا أكثرُ الأشياءِ التي تُلهِي المسلمَ عن طاعةِ خالقِهِ، فمِن أجلِ جمعِ المالِ يقضِى الإنسانُ معظمَ حياتِهِ بل كثيرٌ مِن البشرِ في سبيلِ جمعهِ يضحونَ بمَا يفرضُهُ عليهِم دينُهُم مِن واجباتٍ، ومِن أخلاقٍ، ومِن سلوكٍ وآدابٍ.

ومِن أجلِ راحةِ الأولادِ قد يُضحِّى الآباءُ براحتِهِم، وبمَا تقضِى بهِ المروءةُ، ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ وصدقَ ﷺ حيثُ يقولُ: «أَمَا إِنَّ الْأَوْلَادَ مَبْخَلَةٌ، مَجْبَنَةٌ، مَحْزَنَةٌ» (أبو يعلى والبزار، وفيه عطية العوفي وهو ضعيف) .

ولينظرْ كلُّ واحدٍ منَّا ماذا قدّمَ لوطنِهِ، وأعزُّ ما يقدمُهُ لهُ أنْ يكونَ أمينًا جادًا في عملِهِ، يسعى لتحقيقِ نهضتِهِ وازدهارِهِ ولن يتحققَ ذلك إلَّا برجالٍ مخلصين، قالَ ربُّنَا: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، فعلينَا جميعًا مواصلةَ الليلِ والنهارِ، وأنْ نتحملَ المسؤليةَ كلٌّ في تخصصِهِ مِن أجلِ أنْ نرتقيَ ببلدنَا؛ لتكونَ أفضلَ البلادِ، فالشعاراتُ الرنانةُ، والعباراتُ الفضفاضةُ الجوفاءُ لن تُبنَى بها الأممُ، وتَرقَى بها الشعوبُ، لكن بالعملِ والبناءِ والأمانةِ، وبذلِ الغالِي والنفيسِ تظلُّ رايتُهُ عاليةً خفاقةً، وقد بشَّرَ نبيُّنَا ﷺ مَن يجودُ بنفسِهِ تجاهَ رفعةِ بلدِهِ لهُ أجرٌ عظيمٌ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (الترمذي) .

إنَّ أكلَ الحلالِ وإنْ كان يُتعبُ صاحبَهُ في دارِ الفناءِ لكنَّهُ ييسرُ على صاحبِهِ الحسابَ في دارِ البقاءِ، فإنَّهُ سيُسألُ عن مالِهِ «مِن أينَ اكتسبَهُ، وفيمَ أنفقَهُ؟»، فتكونُ لديهِ الحجة، ويدخلُهُ اللهُ – عزَّ وجلَّ- الجنةَ، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَةَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «نَعَمْ» (مسلم) .

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان   د / محروس رمضان حفظي عبد العال

مدرس التفسير وعلوم القرآن كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »